وسادسها: أن في رواية الأخبار يحصل الترجيح بكثرة العدد، فكذا في أقوال المجتهدين.
وسابعها: أن اتفاق الجمع على الكذب ممتنع عادةً، واتفاق الجمع القليل على ذلك غير ممتنعٍ، فإذا اتفقت الأمة على الحكم الواحد، إلا الواحد منهم أو الاثنين، كان ذلك الجمع العظيم قد أخبروا عن أنفسهم بكونهم مؤمنين، وذلك لا يحتمل الكذب.
وأما الواحد، والاثنان، لما أخبروا عن أنفسهم بكونهم مؤمنين، فذلك يحتمل الكذب، وإذا كان كذلك، كان ما اتفق عليه الكل سوى الواحد، والاثنين هو سبيل المؤمنين قطعًا؛ فوجب أن يكون حجةً.
وثامنها: لو اعتبرنا مخالفة الواحد، والاثنين، لم ينعقد الإجماع قطعًا؛ لأنه لا يمكننا أن ندعى في شيءٍ من الإجماعات أنه ليس هناك واحد، أو اثنان يخالفون فيه.
والجواب عن الأول: أن ألفاظ العموم لا تتناول الأكثر؛ على سبيل الحقيقة في اللغة؛ لأنه يجوز أن يقال لما عدا الواحد من الأمة:(ليسوا كل الأمة) ويصح استثناؤه عنهم.
وعن الثاني: أن السواد الأعظم كل الأمة؛ لأن من عدا الكل، فالكل أعظم منه، ولولا ما ذكرناه، لدخل تحته النصف من الأمة، إذا زاد على النصف الآخر بواحدٍ.
وأما قوله عليه الصلاة والسلام:(الشيطان مع الواحد) فذلك لا يقتضي أن يكون مع كل واحدٍ، وإلا لم يكن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحده حجةً.