الأمارة مع خفائها؛ كما لا يجوز اتفاقهم في الساعة الواحدة على أكل الزبيب الأسود، والتكلم باللفظة الواحدة، وهذا بخلاف إجماعهم على مقتضى الدليل والشبهة؛ لأن الدلالة قوية، والشبهة تجري مجرى الدلالة عند من صار إليها، وبخلاف اجتماع الخلق العظيم في الأعياد؛ لأن الداعي إليه ظاهر.
وثانيها: من الأمة من يعتقد بطلان الحكم بالأمارة، وذلك يصرفه عن الحكم بها.
وثالثها: أن ذلك يفضي إلى اجتماع أحكام متنافية؛ لأن الحكم الصادر عن الاجتهاد لا يفسق مخالفه، وتجوز مخالفته، ولا يقطع عليه، ولا على تعلقه بالأمارة.
والحكم المجمع عليه بالعكس في هذه الأمور، فلو صدر الإجماع عن الاجتهاد، لاجتمع النقيضان فيه.
والجواب عن الأول: أنه منقوض باتفاق أصحاب الشافعي، وأبي حنيفة، رحمهما الله، على قوليهما.
وعن الثاني: أن الخلاف في صحة القياس حادث؛ ولأنه يجوز أن تشتبه الأمارة بالدلالة، فيثبت الحكم بالأمارة على اعتقاد أنه أثبته بالدلالة؛ ولأنه ينتقض بالعموم وخبر الواحد؛ فإنه يجوز صدور الإجماع عنهما، مع وقوع الخلاف فيهما.
وعن الثالث: أن تلك الأحكام المرتبة على الاجتهاد مشروطة بألا تصير المسألة إجماعية، فإذا صارت إجماعية، فقد زال الشرط، فتزول تلك الأحكام، والله أعلم.