وحكى في المجتهدين المشاركين لأهل الاجتهاد في النظر والعلم، غير أنهم لم يشتهروا به ولا تظاهروا به- قولين، وأنه لا عبرة بغير الفقيه الذي لم يتوسم بالفقه، وإن شارك الفقهاء في النظر ووجوه الاجتهاد، ولكنهم علماء بغير الفقه.
قال: وقال قوم: لا عبرة بمن لا يقول بالقياس؛ لأنه أكثر مجال الفقه
قال: وهو غير صحيح؛ فإنه إنما أهمل مدركا واحدا، ولو صح ذلك لم يعتبر قول منكري العموم والمراسيل، وصيغة الأمر، وغير ذلك.
قوله:(قول العامي بغير مدرك خطأ؛ فيلزم اجتماع الأمة على الخطأ):
قلنا: لا نسلم أنه خطأ؛ لأن الأمة معصومة لا يفوتها الحق، فمن قال بقولهم كان قوله صوابا، كما أن من قال بقول الأمة بعد تقرر الإجماع كان قوله صوابا، وإن جهل هو مدرك الأمة، كذلك العامي يقول بقول الأمة جاهلا للمدرك، وقوله صواب.
سلمنا أن قوله خطأ، لكن لا نسلم الإجماع على الخطأ؛ لأن هاهنا أمرين: أحدهما الحكم، ومن عدى العامي قد حكم به لمستند صحيح، والآخر المدرك، وقد ظفر به العلماء ما عدا العامي، فالعلماء مصيبون في حكمهم، ومدركهم، فلم يوجد خطأ بالنسبة إلى كل واحد من أفراد الأمة حتى يحصل الإجماع على الخطأ.
قوله:(أجمع الصحابة خواصهم وعوامهم على عدم اعتبار العوام):
قلنا: لا نسلم هذا الإجماع، غايته أنهم أفتوا بما عندهم، ولم ينقل عنهم أنهم قالوا: قولنا بمفرده إجماع دون عوامنا.
قوله:(لا عبرة بقول العامي كالمجنون):
قلنا: إن الصبيان والمجانين كالبهائم لا يتصفون بالإيمان والإسلام الفعليين