قلنا: إن ادعيت الظن القوي، فمسلم، وإن ادعيت اليقين، فما الدليل عليه؟
فإنه إذا جاز إسكات الألف، والألفين رهبة؛ فلم لا يجوز إسكات الكل، وما الضابط فيما يجوز، وفيما لا يجوز؟
فإن قلت: أجد العلم ضروري بذلك من غير دلالة.
قلنا: هذا الاعتقاد ليس أقوى من الاعتقاد الحاصل بوجود محمد وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام؛ فلم لا تدعون الضرورة في ذلك؛ حتى تتخلصوا عن مثل هذه الدلالات الضعيفة؟!.
سلمنا ذلك؛ فلم لا يجوز أن يقال: إنهم كذبوا؛ لدواع مختلفة، بعضهم للرغبة، وبعضهم للرهبة، وبعضهم بالمراسلة، وبعضهم بالمشافهة؟.
قوله:(الكلام في جماعة عظيمة، بعضها جماعات عظيمة):
قلنا: إما أن يكون من شرط أهل التواتر: أن يكون أبعاضهم بالغين حد التواتر، أو ليس من شرطهم ذلك:
والأول باطل؛ وإلا لزم أن يكون كل واحد من أبعاض تلك الأبعاض كذلك؛ ولزم التسلسل.
والثاني حق؛ ونحن نفرض الكلام فيما إذا كان الأمر كذلك؛ وحينئذ يبطل ما ذكروه.
سلمنا: أنهم ما كذبوا عمدا؛ فلم لا يجوز أن يقال: كذبوا سهوا؛ لأن الأمر اشتبه عليهم، والاشتباه حاصل في المحسوسات؛ بدليل العقل والنقل: