بيان الملازمة: أنه لو وقع العلم بقول أربعة، ولا يقع بقول مثلهم، مع تساوي الأحوال والقائلين والسامعين في جميع الشروط، لم يمتنع أن تخبرنا قافلة الحاج بوجود مكة فنعرفها، ثم هم بأعيانهم يخبروننا بوجود المدينة، فلا نعرفها، ولما لم يجز ذلك، صح قولنا.
وإنما قلنا:(إن العلم لا يحصل بخبر كل أربعة) لأنه لو وقع العلم بخبر كل أربعة، إذا كانوا صادقين، لكان يجب إذا شهد أربعة أنهم شاهدوا فلانا على الزنا- أن يستغنى القاضي عن التزكية؛ لأنهم إذا كانوا صادقين، وجب أن يحصل له العلم بقولهم؛ وحينئذ يستغنى عن التزكية.
وإن لم يحصل له العلم بقولهم، قطع بكونهم كاذبين قطعا، وحينئذ يستغنى أيضا عن التزكية، ولما لم يكن كذلك، بل أجمعوا على وجوب إقامة الحد، وإن لم يضطر القاضي إلى صدقهم، علمنا أن العلم لا يحصل بخبر الأربعة.
فإن قيل: الملازمة ممنوعة.
قوله:(لو وقع العلم بخبر أربعة صادقين، ولا يقع بخبر أربعة صادقين آخرين، لزم كذا وكذا ...).
قلنا: لم قلت: إنه يلزم ذلك؟
بيانه: أن العلم بمخبر الأخبار حاصل عن فعل الله تعالى عندكم؛ وإذا كان كذلك، جاز منه تعالى أن يخلق ذلك العلم عند خبر أربعة، ولا بخلقه عند خبر أربعة أخرى، ولا تجري العادة في ذلك على طريقة واحدة، وإن كانت العادة في أخبار الجماعات العظيمة جارية على طريقة واحدة، كما أن التكرار