للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبتدؤه، ويبقى بقية الفعل عريًا عن البركة، وعلى ما ذكرناه تكون البركة كاملة لجميعه، فهذه ثلاثة تقديرات خبر، وتقدير أمر.

قوله: (الصادق أكمل من غير الصادق):

قلنا: البحث إنما هو هاهنا عن الكلام اللساني، وقد تقدم أن خلقه غير مطابق من الجائزات على الله تعالى، وما ذكرتموه ينفي جوازه، فيكون باطلًا، ثم ما ذكرتموه ينتقض بأن الذي يغفر أفضل من الذي لا يغفر، والذي يعطى أفضل من الذي لا يعطى، والله- تعالى- قد لا يعطى، وقد لا يغفر، فيلزم أن يكون أحدهما أكمل، وذلك محال، فيلزم أن يكون عدم المغفرة، وعدم العطاء من الله- تعالى- محالًا، ولم يقل أحد به، فيتعين إنما كان من قبيل الجائزات على الله- تعالى- لا يصح ذلك فيه أصلًا، فلا يصح في صورة النزاع لما تقدم أنه من الجائزات.

قوله: (خبر الجم الغفير عن الصفات القائمة بقلوبهم من الشهوة والنفرة لا يجوز أن يكون كذبًا):

تقريره: أنهم إذا أخبروا عن كونهم ينفرون من هذا الشيء المعين، أفاد ذلك القطع بأن هذا الشيء اشتمل على ما يوجب النفرة عنه، وكذلك يجب اشتماله على ما هو يوجب أن يشتهي إن أخبروا عن أنهم يشتهونه، ولولا هذا الحرف فسد هذا الوضع؛ لأن كل واحد منهم إذا أخبر عن شهوة نفسه، أو نفرتها، فمخبر كل واحد منهم غير مخبر الآخر، فلا يحصل القطع بشيء من تلك الشهوات، ولا تلك النفرات؛ لأنه لم يجتمع في واحد منها اثنان، أو يحمل على أن فيهم من صدق فيما أخبر به من الشهوة قطعًا؛ لاستحالة اجتماعهم على الكذب بأجمعهم، وهو الذي تطابق تمثيله بالرواية عن النبي عليه السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>