الثالث عشر: قال التبريزي: أجمعنا على حسن تكليف الإنسان، وقبحه في البهائم والجماد، ولا فرق إلا ما ذكره المعتزلة، فما الدليل على امتناعه؟
جوابه: امتناعه ما تقدم من الخبر والاتفاق، فيتعين صرفه؛ لأن الإنسان مدرك مصنور لورود الخطاب، وهذا فرق مقصود هنالك.
الرابع عشر: قال: لو سلب العباد القدر لأدرك العقل هذا التمييز، ووجوب الإيثار، والاختيار على من كان ممكنا منه، فلا يلزم الخطأ في هذه المسألة.
جوابه: فرض إمكانه محال، فمتى فرض وقوعه أمكن أن يلزمه محالان، لأن المحال يجوز أن يلزمه المحال، ومن جملته عدم الخطأ في هذه المسألة.
الخامس عشر: قال: توقيفه الفاعلية على أمر مع فرض التمكن من الترك جمع بين النقيضين؛ لأن الفاعلية إذا توقفت على مرجّح كانت بعده واجبة، وقبله ممتنعة، فلا مكنة حينئذ.
جوابه: أن المكنة إن فسرت بالإمكان الخاص والتخيير لزم السؤال، وله أن يفسرها بالإمكان العام، فلا يلزم السؤال لصدقه على الواجب والممتنع والممكن الخاص، وهو سلب الضرورة عن أحد نقيضي المحمول كما تقرر في المنطق.
السادس عشر: قال التبريزي: ((قول الإمام: إذا لم يتوقف عل مرجح كان اتفاقيا)) باطل؛ لأنه لو كان اتفاقيا لم يتمكن من الترك؛ لأن الإتفاقي ما لم يكن بمؤثر، والتقرير أنه فاعل متمكن.
جوابه: أنه يتمكن من الترك، وهو ملابس للفعل، بمعنى أنه لا مرجح له من قبله، ويجوز عليه فعله وتركه، ويكفي هذا في الإتفاق المانع من التكليف، والمدح، والذم الشرعيين، فإنه إنما يمدح أو يذم على ما له فيه مدخل، والمكنة ليست مدخلا يوجب المدح؛ والذم؛ لأن الإنسان متمكن