والثانية: أنه جاء في الأدلة السمعية ما يدل على أنه ليس بحجة.
والثالثة: أن الدليل العقلي قائم على امتناع العمل به.
ثم إن الخصوم بأسرهم اتفقوا على جواز العمل بالخبر الذي لا تعلم صحته؛ كما في الفتوى، وفي الشهادة، وفي الأمور الدنيوية.
لنا النص، والإجماع، والسنة المتواترة، والقياس، والمعقول:
أما النص: فوجهان:
الأول: قوله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة؛ ليتفقهوا في الدين}[التوبة: ١٢٢] وجه الاستدلال: أن الله تعالى أوجب الحذر بإخبار الطائفة، والطائفة هاهنا عدد لا يفيد قولهم العلم، ومتى وجب الحذر بإخبار عدد لا يفيد قولهم العلم، فقد وجب العمل بالخبر الذي لا نقطع بصحته.
وإنما قلنا: إنه أوجب الحذر عند إخبار الطائفة؛ لأنه أوجب الحذر بإنذار الطائفة، والإنذار هو الإخبار.
وإنما قلنا: إنه أوجب الحذر بإنذار الطائفة؛ لقوله تعالى:{ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون}[التوبة: ١٢٢] وكلمة (لعل) للترجي؛ وذلك في حق الله تعالى محال، وإذا تعذر حمله على ظاهره، وجب حمله على المجاز؛ وذلك لأن المترجي طالب للشيء، فإذا كان الطلب لازمًا للترجي، وجب حمل هذا اللفظ على الطلب؛ فيلزم أن يكون الله طالبًا للحذر، وطلب الله تعالى هو الأمر؛ فثبت أن الله تعالى أمر بالحذر عند إنذار الطائفة.