عليه، فإن ساواه فالخبر أولى لدلالته من غير واسطة، وإن كان راجحًا، فوجود العلة في الفرع إن كان مقطوعًا به قدم القياس، أو مظنونًا فالوقف.
قوله:(إذا كانت مقدمات القياس ظنية، وهي ثبوت الحكم في الأصل، وكونه معللًا، وجود تلك العلة في الفرع كان الخبر مقدمًا عليه).
قلنا: مالك وأبو حنيفة قالا بتقديم القياس مطلقًا في أحد القولين لهما.
وتقريره: أن النصوص إنما ترد تابعة لاقتضاء الحكم والمصالح، وإذا تعارض النص والقياس كانت المسلحة مع القياس؛ لأنه لابد فيه من المناسبة، وإن كانت الحكمة والمصلحة في القياس وجب ألا يكون في الخبر؛ لأن المصلحة الخالصة، أو الراجحة يستحيل أن تكون في الطرفين، فتعين تقديم القياس على الخبر.
قوله:(من أين يعلم أن قياس الأصول يقتضي غسل اليدين من ذلك الإناء حتى يكون) قد رد الخبر لذلك القياس؟).
تقريره: أن السائل قال: ابن عباس يقدم القياس على خبر الواحد، قال له المستدل: إنما رده؛ لأن قلب المهراس على اليد متعذر، فما رد الخبر لمظنون، بل لمقطوع، والنزاع إنما وقع في الأول.
أما ترك الخبر للقطع، فلا نزاع فيه.
قال السائل: ليس ما ذكرته من باب التعذر، بل بغسل اليد من إناء آخر.
فقال له المستدل: فحينئذ عندك ترك الخبر لا لأجل ترك الغسل من الإناء؛ لأنه متعذر كما سلمته، بل لأنه يغسلها من إناء آخر، فإنك لم تجب عن القطع إلا بهذا الجواب، فيصير الخبر إنما ترك للغسل من إناء آخر، والغسل من إناء آخر ليس هو قياسًا؛ لعدم أصل يقتضي ذلك، فكأنه يلزم الخصم أحد الأمرين على تقدير ترك الخبر.