فنقول: على هذا؛ لا يمكنكم العلم بأن هذا الراوي ما أطلق هذه اللفظة إلا بعد علمه بمراد الرسول، إلا إذا علمتم أنه حجة، وأنتم إنما أثبتم كونه حجة بذلك؛ فلزم الدور.
وفي المسألة احتمال ثالث، وهو أن قول الراوي:(أمر الرسول بكذا) ليس فيه لفظ يدل على أنه أمر الكل، أو البعض، دائما أو غير دائم -فلا يجوز الاستدلال به إلا إذا ضم إليه قوله -عليه الصلاة والسلام-: (حكمي على الواحد حكمي على الجماعة).
المرتبة الرابعة: أن يقول الصحابي: (أمرنا بكذا، أو أوجب كذا، ونهينا عن كذا، وأبيح كذا):
قال الشافعي -رضي الله عنه-: (إنه يفيد أن الآمر هو الرسول -عليه الصلاة والسلام-) والكرخي خالف فيه.
لنا وجهان:
الأول: إن من التزم طاعة رئيس، فإنه متى قال:(أمرنا بكذا) فهم منه أمر ذلك الرئيس؛ ألا ترى أن الرجل من خدم السلطان، إذا قال في در السلطان:(أمرنا بكذا) فهم كل أحد من كلامه أمر السلطان.
الثاني: أن غرض الصحابي: أن يعلمنا الشرع؛ فيجب حمله على من صدر الشرع عنه، دون الأئمة، ودون الولاة؛ فلا يحمل هذا القول على أمر الله تعالى؛ لأن أمره تعالى ظاهر للكل، لا نستفيده من قول الصحابي، ولا على أمر جماعة الأمة؛ لأن ذلك الصحابي من الأمة، وهو لا يأمر نفسه.