للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوعاها، ثم أداها كما سمعها (قالوا: وأداؤها كما سمعها: هو أداء اللفظ المسموع، ونقل الفقه إلى من هو أفقه منه معناه، والله أعلم: أن الأفطن ربما فطن؛ بفضل فقهه من فوائد اللفظ لما لم يفطن له الراوي؛ لأنه ربما كان دونه في الفقه.

وأما المعقول: فمن وجهين:

الأول: أنه لما جربنا، رأينا: أن المتأخر ربما استنبط من فوائد آية أو خبر ما لم يتنبه له أهل الأعصار السالفة من العلماء والمحققين، فعلمنا أنه لا يجب في كل ما كان من فوائد اللفظ: أن يتنبه له السامع في الحال، وإن كان فقيهًا ذكيًا، فلو جوزنا النقل بالمعنى، فربما حصل التفاوت العظيم، مع أن الراوي يظن أنه لا تفاوت.

الثاني: أنه لو جاز للراوي تبديل لفظ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلفظ نفسه، كان للراوي الثاني تبديل اللفظ الذي سمعه بلفظ نفسه، بل هذا أولى؛ لأن جواز تبديل لفظ الراوي أولى من جواز تبديل لفظ الشارع، وكذا في الطبقة الثالثة والرابعة، وذلك يفضي إلى سقوط الكلام الأول؛ لأن الإنسان وإن اجتهد في تطبيق الترجمة؛ لكن لا ينفك عن تفاوت، وإن قل، فإذا توالت هذه التفاوتات، كان التفاوت الأخير تفاوتًا فاحشًا؛ بحيث لا يبقى بين الكلام الأخير وبين الأول نوع مناسبة.

والجواب عن الأول: أن من أدى تمام معنى كلام الرجل، فإنه يوصف بأنه أدى كما سمع، وإن اختلفت الألفاظ، وهكذا الشاهد والترجمان يقع عليهما الوصف بأنهما أديا كما سمعا، وإن كان لفظ الشاهد خلاف لفظ المشهود عليه، ولغة المترجم غير لغة المترجم عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>