قال الرازي: التمسك بخبر معاذ، وهو مشهور؛ روى أنه - صلى الله عليه وسلم - أنفذ معاذًا وابا موسى الأشعري - رضي الله عنهما - إلى اليمن، فقال عليه الصلاة والسلام لهما:(بم تقضيان؟) فقالا: (إذا لم نجد الحكم في السنة، نقيس الأمر بالأمر، فما كان أقرب إلى الحق عملنا به) فقال عليه الصلاة والسلام: (أصبتما). وقال عليه الصلاة والسلام لابن مسعود:(اقض بالكتاب والسنة، إذا وجدتهما، فإن لم تجد الحكم فيهما، فاجتهد برأيك).
فإن قيل: لا نسلم صحة الحديث، وبيانه من وجهين:
الأول: أنه مشتمل على الخطأ، فوجب ألا يكون صحيحًا.
بيان الأول من وجوه:
أحدهت: أن فيه قوله: (فإن لم تجد في كتاب الله) وهو يناقض قوله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء}[الأنعام: ٣٨] وقوله تعالى: {ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتاب مبين}[الأنعام: ٥٩].
وثانيها: أن في الحديث أنه، عليه الصلاة والسلام، صوبه على قوله:(أجتهد رأيى) وهو خطأ؛ لأن الاجتهاد في زمان الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام لا يجوز؛ على ما سيأتي دليله، إن شاء الله تعالى.
وثالثها: أنه، عليه الصلاة والسلام، سأله عما به يقضي، والقضاء هو الإلزام، فيكون السؤال واقعًا عن الشيء الذي يجب الحكم به، والسنة لا تصلح جوابًا عن ذلك؛ لأنها تذكر في مقابلة الفرض؛ هذا سنة، وليس بفرض.