يذهب عليه، مع تقدمه في اللغة: أن الجد لا يسمى أبًا حقيقة؛ ألا ترى أنه ينفى عنه هذا الاسم؛ فيقال:(إنه ليس أبًا للميت، ولكنه جده) فلم يبق إلا أن مراده: أن الجد بمنزلة الأب في حجبه الإخوة؛ كما أن ابن الابن بمنزلة الابن في حجبهم، وعن على وزيد: أنهما شبهاهما بغصنى شجرةٍ، وجدولى نهرٍ، فعرفا بذلك قربهما من الميت، ثم شركا بينهما في الميراث.
الوجه الثالث: أنهم اختلفوا في كثير من المسائل، وقالوا فيها أقوالاً، ولا يمكن أن تكون تلك الأقوال إلا عن القياس.
وأعلم أن الأصوليين أكثروا من تلك المسائل، إلا أن أظهرها أربع:
إحداها: مسألة الحرام؛ فإنهم قالوا فيها خمسة أقوال: فنقل عن على وزيد وابن عمر - رضي الله عنهم -: أنه في حكم التطليقات الثلاث، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه في حكم التطليقة الواحدة، إما بائنة أو رجعية؛ على اختلاف بينهم، وعن أبي بكر وعمر وعائشة - رضي الله عنهم -: أنه يمين تلزم فيه الكفارة، وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه في حكم الظهار، وعن مسروق رحمه الله: أنه ليس بشيء؛ لأنه تحريم لما أحله الله تعالى، فصار كما لو قال: هذا الطعام على حرام، والمرتضى روى هذا القول عن علي - رضي الله عنه.
وثانيتها: أنهم اختلفوا في الجد مع الإخوة، فبعضهم ورث الجد مع الإخوة، وبعضهم أنكر ذلك.
والأولون اختلفوا: فمنهم من قال: إنه يقاسم الإخوة، ما كانت المقاسمة خيرًا له من الثلث؛ فأجراه مجرى الأم، ولم ينقص حقه عن حقها؛ لأن له مع الولادة تعصيبًا، ومنهم من قال: إنه يقاسم الإخوة؛ ما كانت المقاسمة خيرًا له من السدس، وأجرأه مجرى الجدة في ألا ينقص حقها من السدس.