المسائل، وما كانت عادتهم جارية بالاجتماع على المناظرات والمجادلات، وأما المستفتي فلا فائدة من ذكر الدليل معه.
سلمنا أن شدة تعظيمهم للنص تقتضي إظهار النص؛ ولكن بشرط أن يكون السامع بحيث يمكنه الانتفاع به، ولم يوجد هذا الشرط هناك؛ لأنه إذا روى ذلك النص، كان ذلك النص خبر واحد في حق السامع، وخبر الواحد ليس بحجة؛ فلا فائدة إذن في إظهار هذا النص.
سلمنا أنه يجب إظهاره؛ ولكن إذا كان النص جليًا، أو مطلقًا، سواءٌ كان جليًا أو خفيًا؟ الأول مسلم، والثاني ممنوع:
بيانه: أن الإنسان إنما يدعوه الداعي إلى إظهار دليل مذهبه، إذا كان ذلك الدليل ظاهرًا قويًا؛ أما إذا كان خفيًا، فقد لا يدعوه الداعي إلى إظهاره. وبالجملة: فأنتم المستدلون، فعليكم إقامة الدلالة على أنه يجب إظهاره، سواء كان قويًا أو ضعيفًا.
سلمنا ما ذكرتموه؛ لكن نعارضه؛ فنقول: لو كان ذهابهم إلى مذاهبهم لأجل القياس، لوجب عليهم إظهاره؛ ولكن لم ينقل عن أحد من الصحابة القياس الذي لأجله ذهب إلى ما ذهب إليه.
فإن قلت: (الفرق: أن القياس لا يجب اتباع العالم فيه، والنص يجب اتباعه فيه:
قلت: القياس إذا كان ظاهرًا جليًا، فلا نسلم أنه لا يجب الاتباع فيه، ولولا ذلك، لما حسنت المناظرة فيه بين القائسين.
سلمنا أنهم لو تمسكوا بالنصوص، لأظهروها؛ فلم قلت: إنهم لو أظهروها،