من يعظم في نظره، ويسلك نفسه باستعظام الخطأ إلى ذلك العظيم، مع أن ذلك الذي تأخر عنه ابن عباس لا يكاد ينكتم.
ودعواهم إجماع العترة غير صحيح، والصادق والباقر- رضي الله عنهما- ليسا كل العترة في زمانهما، ولا كل علماء العترة، وهذه أمور نقلها المؤرخون، ثم نقول لهم: إجماع كل العترة إن لم يكن حجة، فلا كلام، وإن كان، فكيف يكون على خلاف إجماع الصحابة، وحينئذ يلزم تخطئة أحد الإجماعين، وهو محال، وما أشاروا إليه من النهى عن الاختلاف المراد به: في الحرب؛ لقوله:{فتفشلوا وتذهب ريحكم}[الأنفال: ٤٦] لا في الأحكام الشرعية، فلا يضر الاختلاف الناشئ عن القياس.
وقوله:(أعتقت غانمًا لسواده)، فمن أصحابنا من منع، وقال: يلزم سراية العتق إلى كل من شاركه في ذلك، كما لو قال: أعتقت كل أسود، وهو على قاعدة النظام ألزم، ولكنه غير مرضي؛ لأن العتق لا يحصل بمجرد إرادة العتق، بل لابد من لفظ يدل عليه، وللشرع تعبد في تعيين صيغ التصرفات، بخلاف الأحكام الشرعية، بخلاف الأحكام الشرعية، فإنه يكفي في إثباتها فهم إرادة الثبوت من الشرع بأي طريق كان، فهذا هو الفرق، وهو الجواب، حتى لو قال المالك:(فمن كان في معناه؛ فقد أذنت لكم في أعتاقه)، صح التوكيل، ونفذ العتق من الوكيل.
قلت: وإذا تأملت ما تقدم في هذا الموضع من أن العلل إنما يتبعها أحكام ناصبها عللاً، وجدته أمس من هذا الجواب، وأقعد بقواعد الأصول.
قال: وأما ما ذكره النظام فمعظمه تهويل، ولا يلزم منه امتناع القياس حيث عقل المعنى، فقد اتفق العقلاء على التعليل في الإلهيات، والطبيعيات، والعقليات مع ما فيها مما لا تهتدي إليه العقول كخواص الطبائع، والصفات