للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منصوص عليهما، ولم يقل أحد بالاستحسان قبل أبي حنيفة ومالك في النادر، ثم حدث التقليد في حسوة هذين الرجلين، فكل طائفة لا تقلد غير صاحبها في فتاويه وإن اختلفت، ولا يعرف هذا عن أحد قبل هاتين الطائفتين، ثم حدث التقليد في الشافعية، ولم تزل طائفة من الصحابة إلى زماننا ينكرون هذه الأمور، بل روى القيسيون أخبارًا مكذوبة، واتبعهم مقلدوهم عليها، ثم كثر ذلك حتى طبق الأرض، وتركت من أجله أحكام القرآن والسنة جهارًا، وصار المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، وعودى طلاب السنن الثابتون على ما كان عليه الصحابة والتابعون- رضي الله عنهم- من الوقوف عند أحكام القرآن والسنة.

واحتجوا على الرأي بما روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أنا أقضي فيكم برأيي فيما لم ينزل على فيه شيء)، وهو غير صحيح؛ لأن رواية أسامة الليثي، وهو ضعيف؛ ولأن رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حق لا يلحق به غيره؛ لأنه لا ينطق عن الهوى.

وقال الله- تعالى-: {لتحكم بين الناس بما أراك الله} [النساء: ١٠٥].

وحديث معاذ غير صحيح؛ لأن راوية الحارث بن عمرو، وهو مجهول، وكيف يقول- عليه السلام- له: (إن لم تجد في كتاب الله) وهو- عليه السلام- قد سئل عن (الحمر)، فقال: (ما أنزل على فيها شيء غير هذه الآية الفاذة: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره)، ولم يحكم فيها- عليه السلام- بغير الوحي، فكيف يجيز ذلك لغيره؟!.

<<  <  ج: ص:  >  >>