قلنا: ذاك إنما عرف بالقرينة؛ وهي أن شفقته تمنع من تناول كل ما يقتضي ضررًا، فلم قلت: إن هذا المعنى حاصل في العلة المنصوصة؟
قوله:(الغالب على الظن إلغاء هذا القيد):
قلنا: هب أن الأمر كذلك؛ ولكن إنما يلحق الفرع بالأصل؛ لأنه لما غلب على ظننا كونه في معناه، ثم لدليل دل على وجوب الاحتراز من الضرر المظنون، فحينئذ يجب علينا أن نحكم في الفرع بمثل حكم الأصل؛ ولكن هذا هو الدليل الذي دل على كون القياس حجة، فالتنصيص على علة الحكم لا يقتضي إثبات مثله في الفرع إلا مع الدليل الدال على وجوب العمل بالقياس.
قوله:(لو صرح بأن العلة هي الإسكار، لا يبقى فيه هذا الاحتمال):
قلنا: في هذه الصورة نسلم أنه أينما حصل الإسكار، حصلتا الحرمة؛ لكن ذل ليس بقياس؛ لأن العلم بأن الإسكار؛ من حيث هو إسكار، يقتضي الحرمة يوجب العمل بثبوت هذا الحكم في كل محالة، ولم يكن العلم بحكم الحرمة يوجب العلم بثبوت هذا الحكم في كل محالة، ولم يكن العلم بحكم بعض تلك المحال متأخرًا عن العلم بالبعض؛ فلم يكن جعل البعض فرعًا، والآخر أصلاً أولى من العكس؛ فلا يكون هذا قياسًا، بل إنما يكون قياسًا، لو قال:(حرمت الخمر؛ لكونها مسكرة) فحينئذ يكون العلم بثبوت هذا الحكم في الخمر أصلاً للحكم به في النبيذ، ومتى قال؛ على هذا الوجه، انقدح الاحتمال المذكور.
قوله:(إن قوله: (حرمت الخمر؛ لكونها مسكرة) يقتضي إضافة الحرمة إلى نفس الإسكار):