وثانيها: أنه يلزم ألا يعلم العاقل حرمة ضربهما، لو متعه الله عن القياس الشرعي.
وثالثها: أجمعنا على ان قوله: (فلان لا يملك حبة) يفيد في العرف أنه لا شيء له البتة، وكذا قولهم:(لا يملك نقيرًا، ولا قطميرًا) يفيد أنه ليس له شيء البتة، وإن كان النقير في أصل اللغة عبارة عن النقرة التي على ظهر النواة، والقطمير عبارة عما في شق النواة.
وكذلك قولهم:(فلان مؤتمن على قنطار) فإنه يفيد في العرف كونه أمينًا على الإطلاق، وإنما حكمنا في هذه الألفاظ بالنقل العرفي؛ لتسارع الفهم إلى هذه المعاني العرفية؛ فوجب أن تكون حرمة التأفيف موضوعة في العرف؛ للمنع من الإيذاء؛ لتسارع الفهم إليه.
والجواب عن الأول: أن القياس قد يكون يقينًا، وقد يكون ظنيًا.
أما الأول: تكمن علم علة الحكم في الأصل، ثم علم حصول مثل تلك العلة في الفرع، فإنه لابد وأن يعلم ثبوت الحكم في الفرع.
أما الثاني: فكما إذا كانت إحدى المقدمتين، أو كلاهما- مظنونة، والقياس في هذه المسألة من النوع الأول؛ فلا جرم لا يمكن أن يكون القادح في صحة القياس الظني قادحًا في صحة هذا القياس.
وهذا هو الجواب بعينه عن الثاني.
أما الثالث: فقوله: (ليس لفلان حبة) يفيد نفي الأكثر من الحبة، لأن الأكثر من الحبة يوجد فيه الحبة، أما ما نقص من الحبة فلا يتعرض له كلامه.