للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: أن الواجد هو الذي يستحق العقاب على تركه، واستحقاق العقاب وصف ثبوتي؛ لأنه مناقض لعدم الاستحقاق، وتركه هو ألا يفعله، وهو عدمي، ولو كان ذلك الاستحقاق معللا بهذا الترك، لكان الوجود معللا بالعدم؛ وهو محال.

فإن قلت: (لم لا يجوز أن يقال: (القادر لا ينفك عن فعل الشيء، أو فعل ضده، فإذا ترك الواجب، فقد فعل ضده، واستحقاق العقاب معلل بفعل ضده؟):

قلت: هذا لا يستقيم؛ على رأي أبي هاشم، وأبي الحسين وأتباعهما؛ لأنه يجوز عندهما خلو القادر من الأخذ والترك.

وأيضا: ففعل الضد، لو لم يستلزم الإخلال بواجب، لم يستلزم استحقاق الذم والعقال، ولو فرضنا وقوع الإخلال بالواجب من غير فعل الضد، لاستلزم استحقاق الذم والعقاب؛ فعلمنا أن المستلزم بالذات لهذا الاستحقاق: هو ألا يفعل الواجب، لا فعل ضده.

وثالثها: أن العلة الشرعية، لو كانت مؤثرة في الحكم، لما اجتمع على الحكم الواحد علل مستقلة؛ لكن قد يحصل هذا الاجتماع، فالعلة غير مؤثر.

بيان الملازمة: أن الحكم مع علته المستقلة واجب الحصول، وما كان واجب الحصول لذاته، استحال وقوعه؛ لأن الواجب لذاته لا يكون واجبا لغيره، فإذا اجتمعت عليه علل مستقلة، كان لكونه مع هذا منقطعا عن الآخر، وبالعكس؛ فيلزم استغناؤه عن الكل حال احتياجه إلى الكل؛ وهو محال.

بيان استثناء نقيض التالي: ما إذا زنا وارتد، أو لمس ومس معا؛ فإن الحكم ها هنا واحد؛ لامتناع اجتماع المثلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>