أن الصادر عن الشرع هو المؤثر به، وهي غير المؤثر؛ لأنها صفة المؤثر، وهذه الصفة وحدها نسبة وإضافة لا تستقل بالتأثير، فإذا جعل الشرع الوصف مؤثرًا، فقد حصل له مؤثر به، وهي غير المؤثر، وحينئذ يمنع كلامه في الأخير، أنه إن كان الواقع هذا القسم لم يحصل الحكم، بل يحصل لاستلزام المؤثر به بواسطة المؤثر في ذلك الحكم.
قوله:(الداعي موجب لكون الفاعل فاعلًا):
تقريره: أن الموجب هو الذي يلزم عنه الأثر، كان ذلك الأثر وجوديًا كالنور بالنسبة إلى الشمس في مجرى العادة، أو عدميًا كأحكام المعلل، فإنها أحوال ونسب وإضافات ليست وجودية، والمعاني موجبة لها كالعالمية مع العلم، والقادرية مع القدرة، ونحو ذلك.
وكون الفاعل فاعلًا من باب النسب والإضافات، فلا يشكل عليك جعل الداعي موجبًاً بالنسبة إليه؛ لتخيلك أن الموجب وهو الوجود، ولا وجود هاهنا.
قوله:(الفاعل للغرض مستكمل بذلك الغرض، ناقص بدونه):
قلنا: لا نسلم؛ لأن الغرض قد يكون مما له أن يفعله، وله ألا يفعله، والأمران على السواء، ويكون المرجح لأحد الأمرين على الآخر الإرادة؛ لأنها صفة شأنها الترجيح لأحد المتساويين على الآخر لذاتها، من غير احتياج لمرجٍح آخر.
فالله- تعالى- له أن يفعل لمرجح، ولا لمرجح، وإرادته الأزلية مرجح أحدهما على الآخر لا لمرجح.
وإنما يلزم النقض إذا كان ذلك يرجع إلى صفة ذاتية أو معنوية قائمة به- تعالى- وأما ما هو من قبيل الأفعال وعللها، وما يبنى عليه، فذلك كله من قبيل الجائزات عندنا وجودًا وعدمًا.