البرهان، وصاحب المستصفى، وصاحب "الأحكام" عن أهل السنة، فتوقف وجوب النظر على ثبوت النبوة لم يقل به أحد من الفرق.
أما عند المعتزلة فسابق على ذلك لثبوته بالعقل، وأما عندنا فيكفي التمكن، حتى لو أعرض الناس عن الأنبياء، وقالوا: لاننظر حتى ماتوا على ذلك، ماتوا كفارا يتسحقون الخلود في النيران وغضب الديان، وكذلك أجمع المسلمون على تكفير من لم يؤمن برسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ وإن كان أكثرهم لم يقصد النظر في معجزته عليه السلام، ولا خطر بباله ذلك، لا سيما عوام الكافر وجهالهم من النسوان، ولابلهان وغيرهم، وهم كفرة إجماعا ما سببه إلا أنهم متمكنون من النظر، فتركوا مع الإمكان.
وثانيهما: أن الإفحام غير لازم على تقدير انحصار المدرك في السمع، بل ولو انتقى المدرك سمعا وعقلا، لأن الله تعالى طبع البشر على النظر في الغرائب، وخوارق العادات، سواء حثهم العقل او السمع عليه أم لا، بل لونهاهم العقل والسمع لعصوهما، وذهبت منهم طائفة لقضاء شهواتهم في الاطلاع على ذلك المستغرب، كما عملوا ذلك في كثير من أهويتهم التي نهى الشرع عنها، والعقل عند المعتزلة، فلو ظهرت امرأة لها عشرة رؤوس، ومائة عين، وهي تظهر العجائب من الخوارق، ونادى ملك المدينة لا يجتمع أحد لذهب جماعة من أهل الجسارة والجهلة إليها، واجتمعوا بها، واطلعوا عى عجائبها، مع أنها أجنبية عنهم، فهذا منهي عنه شرعا وعقلا