بحسنه، أما أنه منفعة فلا شك فيه وأما أنه خال عن امارات المفسدة فلأن الكلام فيما إذا كان كذلك
وأما أنه لا ضرر فيه على المالك فظاهر وأما أنه متى كان كذلك حسن الانتفاع به فلأنه يحسن منا الاستظلال بحائط غيرنا والنظر في مرآته والتقاط ما تناثر من حب غلته من غير إذنه إذا خلا عن أمارات المفسدة وإنما حسن ذلك لكونه منفعة خالية عن أمارات المفسدة غير مضرة بالمالك لأن العلم بالحسن دائر مع العلم بهذه الأوصاف وجودا وعدما وذلك دليل العلية
وهذه المعاني قائمة في مسألتنا فوجد الجزم بالحسن
فإن قلت هب أنكم لم تعلموا فيه مفسدة ولكن احتمال مفسدة لا تعلمونها قائم فلم لا يكون ذلك كافيا في القبح قلت هذا مدفوع من وجهين
الأول أن العبرة في قبح التصرف بالمفسدة المستندة إلى الأمارة فأما المفسدة الخالية عن الأمارة فلا عبرة بها ألا تراهم يلومون من قام من تحت حائط لا ميل فيه لجواز سقوطه ولا يلومونه إذا كان الجدار مائلا ويلومون من امتنع عن أكل طعام شهي لتجويز كونه مسموما من غير أمارة ولا يلومونه على الامتناع عند قيام أمارة فعلمنا أن مجرد الاحتمال لا يمنع
الثاني لو قبح الإقدام لتجويز كونه مفسدة لقبح الاحجام عنه لتجويد كونه مصلحة وفيه وجوب الانفكاك عن كل واحد منهما وهو تكليف ما لا يطاق
الوجه الثاني في أصل المسألة أن الله تعالى خلق الطعوم في الأجسام مع إمكان أن لا يخلقها فيها وذلك يقتضي أن يكون له تعالى فيها غرض يخصها،