للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقسم الثاني والثالث: باطل؛ باتفاق العقلاء؛ فتعين الأول؛ فثبت أنه تعالى إنما شرع الأحكام؛ لمصالح العباد.

وثانيها: أنه تعالى حكيم؛ بإجماع المسلمين، والحكيم لا يفعل إلا لمصلحة؛ فإن من يفعل لا لمصلحة يكون عابثًا، والعبث على الله تعالى محال؛ للنص والإجماع، والمعقول:

أما النص: فقوله تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا} [المؤمنون: ١١٥] {ربنا ما خلقت هذا باطلًا} [آل عمران: ١٩١] {ما خلقناهما إلا بالحق} [الدخان: ٣٩].

وأما الإجماع: فقد أجمع المسلمون على أنه تعالى ليس بعابث.

وأما المعقول: فهو أن العبث سفه، والسفه صفة نقص، والنقص على الله تعالى محال؛ فثبت أنه لابد من مصلحة، وتلك المصلحة يمتنع عودها إلى الله تعالى؛ كما بينا؛ فلابد من عودها إلى العبد؛ فثبت أنه تعالى شرع الأحكام؛ لمصالح العباد.

وثالثها: أن الله تعالى خلق الآدمي مشرفًا مكرمًا؛ لقوله تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم} [الإسراء: ٧٠] ومن كرم أحدًا، ثم سعى في تحصيل مطلوبه، كان ذلك السعي ملائمًا لأفعال العقلاء، مستحسنًا فيما بينهم؛ فإذن: ظن كون المكلف مكرمًا يقتضى ظن أن الله تعالى لا يشرع إلا ما يكون مصلحة له.

ورابعهما: أن الله تعالى خلق الآدميين للعبادة؛ لقوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات: ٥٦] والحكيم إذا أمر عبده بشيء، فلابد وأن يزيح عذره وعلته، ويسعى في تحصيل منافعه، ودفع المضار عنه؛

<<  <  ج: ص:  >  >>