قلنا: جاز أن يكون المقدور لا يقبل التفاوت، ويكون الترجيح لا من قبله بل من قبل المؤثر فيه، فتكون القدرة القديمة لكونها واجبة الوجود أزلية أبدية، ليست من قبيل الأعراض تقتضي لذاتها أنها إذا عارضها غيرها اندفع بها، ويكون ذلك من قبلها لا من قبل الأثر.
قوله:(لابد من الانتهاء إلى مرجح من قبل الله- تعالى- فيلزم الجبر):
قلنا: بل يكون الجبر مركبًا منهما، كما تقوله المعتزلة؛ فإن الله- تعالى- هو الخالق لمزاج الشباب، وآلة الجماع، والشهوة، والجمال في النساء، وإذا حصل هذا من قبل الله- تعالى- يكمل المرجح بعد العبد ودواعيه، فيحصل الفعل حينئذ.
سلمنا صحة التقسيم، لكن لا يلزم من ذلك ألا يكون الفعل غير متضمن للمصلحة كما تقدم تقريره.
قوله:(كلف من علم أنه لا يؤمن، فلو أمره لزم انقلاب العلم):
قلنا: العلم بعدم وقوع الإيمان الواجب فرع عدم الوقوع، الذي هو فرع للتكليف، فالتكليف سابق على تعلق العلم بمراتب، فلا يمنعه العلم.
ولأن التكليف أصل العلم وشرطه، فلا ينافيه.
قوله:(إن كلفه حالة الاستواء لزم إجماع الضدين):
قلنا: تقدم- بسطة- في (باب الأوامر) أنها لا تتعلق إلا بمعدوم مستقبل، وذلك الزمان لم يقع فيه- بعد- استواء ولا رجحان؛ لأن وجودهما فرع وجود الزمان، والمستقبل لم يوجد بعد.
فحينئذ: التكليف واقع في زمان غير الزمان الذي يقع فيه الفعل، فجاز أن يكون الواقع في زمان التكليف التساوي، وزمان الفعل ليس فيه شيء، فهو أمر- الآن- بتحصيل الرجحان في الزمان المستقبل، أو المرجوحية في