ومعلوم أن النزاع في هذه المسألة مسبوق بتسليم قاعدة القياس وكونه حجة، ومن ضرورتها صحة تعليل أحكام الشرع برعاية مصالح العباد، فكيف يصح إنكاره من القائلين بالقياس؟
ثم يلزم منه امتناع التعليل بالملائم وبالمؤثر، بل يمتنع دعوى التأثير والملاءمة.
على أنا قد أثبتنا الأفعال الاختيارية، وامتناع التكليف بالمحال، نفتدلك الآن على تعليل أفعال الله- تعالى- وأحكامه وقوعًا لا وجوبًا بقوله تعالى:{المص} إلى قوله: {لتنذر به وذكرى}[الأعراف: ٢]، {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله}[النساء: ٦٤]، وفي آية أخرى:{إلا بلسان قومه ليبين لهم}[إبراهيم: ٤]، {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}[الذاريات: ٥٦]، {وما أمروا إلا ليعبدوا الله}[البينة: ٦]، {يأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم} إلى قوله: {لنبين لكم}[الحج: ٥] إلى ما يكثر عدده من هذا.
ويخصص مصالح العبد قوله تعالى:{خلق لكم ما في الأرض جميعًا}[البقرة: ٢٩]، {فأخرج به من الثمرات رزقًا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره}[إبراهيم: ٣٢].
{وأنزلنا من السماء ماء طهورًا لنحيي به بلدة}[الفرقان: ٤٨]، {ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل} إلى قوله: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام}[الأنفال: ١١]، و {فجرنا فيها من العيون}[يس: ٣٤]، {ليأكلوا من ثمره}[يس: ٣٥]، {أنا صببنا الماء صبًا} إلى قوله: {متاعًا لكم ولأنعامكم}[عبس: ٣٢].