ثم قياس المعنى ينقسم إلى: الجلي، والخفي، وكل رتبة متوسطة فهي جلية بالنسبة إلى ما تحتها، خفية بالنسبة إلى ما فوقها، وكل ما قرب من الأصول القطعية فهو الجلي، وهو الأجلى والأرجح من الأشباه للشبه المقصود، فإن كان مدرك المسألة لشبه الحكم كان الترجيح لشبه الحكم، أو الصورة الحسية كان الترجيح بها.
وقياس الدلالة مقدم على الشبه المحض؛ لأجل إشعاره بالمعنى، والثابت بالطرد والعكس مقدم على الشبه، والمخيل مقدم على الطرد والعكس لأنه معتمد الصحابة- رضوان الله عليهم- وقد تناهى قياسي المعنى حتى يقدم عليه الطرد وقد يتقدم الشبه الجلي على المعنى الخفي.
وقال القاضي أبو بكر: لا يقدم قياس على قياس، بل الظنون على حسب الاتفاقات، وبناه على أصله في أنه ليس في مجال الظن مطلوب هو مقصود الطالبين، وهذا صعب جدًا لو قاله غير القاضي لعتب عليه؛ لأنه يؤول إلى أنه لا أصل للاجتهاد، وهو باطل قطعًا.
قال الغزالي في (المستصفى) أدنى الأقيسة الطردي الذي لا ينبغي أن يقول به قايس.
وأعلاها القياس في معنى الأصل؛ لأن القياس أربعة: المؤثر، ثم المناسب، ثم الشبه، ثم الطرد.
والذي هو في معنى الأصل هو الذي اعتبر عينه في عين الحكم، وهو مستغن عن السبر؛ لثبوته بنص أو إجماع، فهو مقطوع به، وربما أقر به منكر القياس.