الثاني: أنهم إن ادعوا ثبوت الحكم في تلك النوادر بلا علة، كان محالا مع أنه لا يفيد المطلوب؛ فإن المطلوب إثبات وصف العلية للطردي الجامع، وإسناد الحكم، وإن اعترفوا بثبوته بناء على علة، فليبحث عن عينها، فإن كانت هي وصف الجنس المشترك، كان ذلك طردا للحكم لاطراد علته، فلا يكون إلحاق النادر بالغالب.
وإن كانت العلة هي كونه نادرا من الجنس، فلا ينتظم تعليل غير ذلك الحكم به؛ لثبوته في الجنس مع انتفاء وصف الندرة.
وإن علل بها عموم كونه حكما للجنس لا خصوص ذلك الحكم، فلابد له من دليل.
ولا يمكن إثباته بالاطراد؛ فإنه إثبات للشيء بنفسه.
ثم هو غير مطرد على ما ذكرناه، بل الصور التي ألحق الشارع النادر فيها بالغالب من جنسها كالنادر بالإضافة إلى ما لم يلحق، وهو معارض بعسر تتبع الآحاد بالنظر لطلب الحكمة، مع اشتماله على وصف المظنة، والتعليل بالطرد خال عن ذلك.
الثالث: أن فيما ذكروه اعترافا ببطلان التعليل بالوصف الطردي لوجهين:
أحدهما: أن الطارد يعلل الحكم في جميع صور الجنس بالوصف الطردي، وليس ذلك من قبيل إلحاق نادر بغالب، بل ربما كانت صور الإلحاق أكثر من الملحق به، كإلحاق سائر الموزونات بالنقدين، وسائر المكيلات بالمنصوصات، وكل ما لا تبنى على جنسه القنطرة بالزيت.
الثاني: هو أن إلحاق النادر بالغالب اعتراف بتعذر التعليل بالقدر المشترك؛ إذ لو صح لكان الإلحاق طردا للحكم وتوفيرا له لا سحبا لحكم غيره عليه.
وأما الاستدلال بفرس القاضي، فليس من قبيل قياس الطرد، بل بقرائن