وما لا يكون خاطرا بالبال، لم يكن جزءا من الداعي؛ فعلمنا أن عدم كون الأول يهوديا، لم يكن جزءا من المقتضى.
أما المعرف: فالعام المخصوص دليل على الحكم، وعدم المخصص ليس جزءا من المعرف، وإلا كان يجب ذكره عند الاستدلال؛ فثبت بما ذكرنا أن عدم المعارض، وإن كان معتبرا، لكنه ليس جزءا من العلة.
سلمنا كونه جزءا، ولكن يرجع الخلاف في المسألة إلي بحث لفظي لا فائدة فيه؛ لأن من جوز تخصيص العلة، ومن لم يجوزه، اتفقوا على أن اقتضاء العلة للحكم لابد فيه من ذلك العدم، وأنتم أيضا سلمتم أن المعلل، لو ذكر ذلك القيد في ابتداء التعليل، لاستقامت العلة؛ فلم يبق الخلاف إلا في أن ذلك القيد العلمي، هل يسمى جزء العلة أم لا؟.
ومعلوم أن ذلك مما لا فائدة فيه.
والجواب: قد بينا أنه لو توقف اقتضاء العلة للحكم على انتفاء المعارض، لم يكن الحاصل عند وجود المعارض تمام العلة، بل جزءها.
قوله:(لو كان كذلك، لزم جعل القيد العلمي جزءا من علة الوجود):
قلنا: إن فسرنا العلة بالموجب أو الداعي، امتنع جعل القيد العدمي جزءا من علة الوجود؛ فحينئذ: لا نقول: إن عدم المعارض جزء العلة، بل نقول: إنه يدل على أنه حدث أمر وجودي انضم إلى ما كان موجودا قبل؛ وحينئذ: صار ذلك المجموع علة تامة، فلم يلزم من قولنا:(العلة التامة؛ إنما وجدت حال عدم المعارض) أن يجعل عدم المعارض جزءا من العلة.