وإن كانت مستفادة من الوضع أمكن إثباته للعدم؛ لأنه تبع للقول، والعدم يقبل الأوصاف القولية، ثم هو قد سلم ذلك في العدم المنسوب، ولا نزاع إلا فيه.
وجعله النسبة أمرا ثبوتيا لا يدفع الإشكال، بل يؤيده؛ لأن التعليل بالعدم المنسوب لا بالنسبة، وقد قبل العدم النسبة التي هي أمر ثبوتي.
وقوله في دليل الجواز:"إن الدوران يفيد ظن العلية" باطل لوجوه:
الأول: أن أصحاب الدوران قيدوا دلالته بشرط عدم ما يدل على عدم العلية؛ تخلصا من تلك الإشكالات، وكونه عدما مما ينفي كونه علة، فإن منعوا فهو أول المسألة.
الثاني: أن الدوران إنما يدل على الملازمة، وهي أعم من العلية؛ فإنه القدر المشترك بين الدورانات.
الثالث: أنه لا يمكن حصول الأطراف في عدم معين؛ فإنه ما من شيء إلا ويقترن به عدم أشياء، فإن لم ينظر إلى ملائمة، فلا فرق بين عدم وعدم.
قلت: قوله: "العدم لا يقبل الاتصاف بأمر ثبوتي، وأما الوصف بأمر ثبوتي فيقبله":
معناه: أن اتصاف العدم بألثبوتي عنده قيام ألثبوتي به، وهو محال.
ووصفه به معناه أعم من ذلك، فيكفي فيه أن يكوم متعلق ألثبوتي؛ لأن الخبر والعلم ونحوهما أمور ثبوتية، وتتعلق بالعدم، وقد تقدم في حد الحكم هذه القاعدة مبسوطة، وهي أن الشيء قد يوصف بما هو قائم به، ويوصف بما ليس قائما به.