قلنا: لا تنافي بين كون المؤثر المصلحة، وبين أن تكون الحروف ضابطة للمصلحة، والمعرفة بها، ثلم المصلحة في نفسها حادثة، فيلزم فيها ما قلتموه في الحروف.
قوله:(المقدر يجب أن يكون على وفق المحقق، والحروف لو اجتمعت لخرجت عن أن تكون كلاما):
قلنا: نقدرها مجتمعة على وجه يصدق عليها أنها كلام، وتكون كأنها الآن مترتبة في الحس، وهي موجودة في أزمانها، موصوف جميعها [بالحدوث]، [وكذلك] الآدمي مرتبا أعضاؤه في بقاعها، وليس من شروط التقدير أن يكون المقدر ممكن الوقوع، بل قد يكون مستحيلا كما قدر الله- تعالى- الشريك في قوله تعالى:{لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}[الأنبياء: ٢٢] مع استحالة الشريك، وإذا لم تمنع الاستحالة التقدير، صح ما قلناه؛ لأن غايته أنه مستحيل.
قوله:(لا معنى للتقدير إلا تمكين الشارع للإنسان من المطالبة بذلك المال).
قلنا: المطالبة لا بد لها من مطلوب، ويكون ذلك المطلوب متميزا بقدره، ومحله، وجهته، وصفاته عن غيره، ولا نعني بالتقدير إلا كونه مفروضا في ذمة المطالب، مختصا به على الوجه المخصوص، وكذلك الذمة صفة مقدرة في المحل تقبل الإلزام والالتزام، كما نقول: البالغ الرشيد المكلف في نظر الشرع له صلاحية أنه إذا أتلف شيئا ترتب عليه قيمته، وإذا باع أو اشترى لزمه التسليم، أو الثمن.
وهذه الصلاحية نقطع بانتفائها شرعا عن البهيمة، والطفل في المهد ونحو ذلك.