فيما جعل شرطا في هذا الباب، مع أنه ليس بشرط، وهو ثلاثة:
الأول: زعم عثمان البتى: أنه لا يقاس على الأصل، حتى تقوم الدلالة على جواز القياس عليه، وهو باطل من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن عموم قوله تعالى: {فاعتبروا}[الحشر: ٢] ينفي هذا الشرط.
وثانيها: أنا إذا ظننا كون الحكم في الأصل معللا بوصف، ثم علمنا، أو ظننا حصوله في الفرع- حصل ظن أن حكم الفرع مثل حكم الأصل؛ والعمل بالظن واجب.
وثالثها: أن الصحابة حين استعلموا القياس في مسألة الحرام والجد وغيرهما، لم يعتبروا هذا الشرط.
الثاني: زعم بشر المريسي: "أن شرط الأصل انعقاد الإجماع على كون حكمه معللا، أو ثبوت النص على عين تلك العلة" وعندنا: أن هذا الشرط غير معتبر؛ والدليل عليه الوجوه الثلاثة المذكورة.
الثالث: قال قوم: الأصل المحصور بالعدد لا يجوز القياس عليه؛ حتى قالوا في قوله- عليه الصلاة والسلام-: "خمس يقتلن في الحل والحرم" لا يقاس عليه، والحق: جوازه؛ للوجوه الثلاثة.