اعلم أن قياس الدلالة لما كان عبارة عن الجمع بدليل الحكم لا بعلة الحكم، فكل قياس كان الجامع فيه دليلا، فهو قياس الدلالة، حتى الجمع بالبيع؛ فإن المؤثر في الملك هو الحاجة، والبيع دليلها، ولكن العلل الشرعية لما كانت وضعية كانت كلها في معنى الأمارة والدليل، وإن كانت منشأ الحكمة، فخصوا اسم قياس الدلالة بالجمع بالحكم الذي هو في الرتبة الثانية من الدلالة؛ فإنه يدل على الوصف ثم على الحكم.
أما تقريره: فله طريقان:
أحدهما: إقامة الحكم مقام الوصف في ضبط المعنى، كقولهم: قتل حرام؛ فيوجب القصاص كالقتل بالمحدد، ونجس، فلا يصح بيعه كالجيفة، ونجيب عن المطالبة بأنه إذا كان حراما [كان] جناية، أي مفسدة مطلوبة [الانتفاء]، فيناسب القصاص زجرا، وإن كان نجسا كان مستقذرا مستحقرا، فيناسب سلب رتبة المقابلة بالمال الشريف، فيجريه مجرى الوصف في تنشئة المناسبة مما تتضمنه، وأكثر [المترسمين] لا يعدون هذا النوع من قياس الدلالة لهذا المعنى، مع أنه لو قال: (قتل يوجب التحريم، فيوجب القصاص قياسا على المحدد لم يستريبوا في كونه قياس دلالة؛ لأنهم لم يضبطوا من قياس الدلالة إلا صورة هذا الشكل، وهو أعم منه؛ لما ذكرنا من الضابط، وإنما قلنا: إنه قياس دلالة؛ لأن كونه حراما ليس علة لوجوب القصاص، بل هو- أيضا- حكم ما هو علة لوجوب القصاص، وهو كونه تفويتا عمدا لمحل من صفته كيت وكيت وإنما استدل عليها بوجود التحريم.
الطريق الثاني: وهو المشهور أن يدعي لزوم اشتراك الأصل والفرع في الحكم المطلوب لاشتراكهما في حكم آخر، هو من أثر المؤثر في الحكم المطلوب، فنقول: محل صين بالقصاص عن المنفردين؛ فيصان عن المشاركين كالنفس، أو محل يأثم بإتلافه خمدا؛ فيضمنه كالعصير، وسائرـ