للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجيحا لأمارة الإباحة بعينها، فيلزم الترجيح من غير مرجح):

قلنا: الدعوى عامة في تعارض الأمارتين، فقد لا تكون أحداهما الإباحة، بل إحداهما التحريم، والأخرى للوجوب، أو الكراهة والندب، أو الكراهة والوجوب، فما ذكرتموه إنما يلزم في بعض الصور القليلة بالنسبة إلى بقية المسألة، تفكون الدعوى عامة، والدليل خاصا، فلا يفيد كمن قال: الحيوان كله حرام؛ لأن الخنزير حرام.

سلمنا أن الدليل عام، لكن لا يلزم الترجيح من غير مرجح؛ لأنا حينئذ إنما أبحنا له الفعل من جهة التخيير بينهما، لا من جهة قصدنا إلى أمارة الإباحة، فهي إباحة أدى إليها حكم التخيير، لا أمارة ألتخيير.

بل اتفق أن حكم التخيير وافق أحدهما، فلا يقتضي ذلك ترجيحهما على الأخرى من غير مرجح.

كما إذا أقرعنا بين الرجلين لو شهدت البينة لأحدهما، فإنما نقضي بوجوب إرادته، ومقصوده في بعض الصور إذا صادف ذلك.

ولا يقال: إنا رجحناه على خصمه من غير مرجح؛ لأن ذلك نشأ عن سبب أقتضى حصول مقصوده؛ لأن المعتمد نفس مقصوده.

سلمنا دليلكم بجملته، لكنه يقتضي أن وقوعهما يلزم منه تكليف ما لا يطاق؛ بسبب اجتماع النقيضين بالعمل بهما، أو الترجيح من غير مرجح إذا عينا إحداهما، والتكليف بما لا يطاق جائز عندنا، وهو الذي اختاره المصنف في ذلك.

قوله: (المراد بالأخذ بإحدى الأمارتين إما أن يكون اعتقاد رجحانها، أو العزم على الإتيان بمقتضاها):

قلنا: هذا ترديد بين المراتب التي هي غير منحصرة، فلا يفيد مع أن الحق لم يذكر فيها؛ لأن الأخذ بالدليل هو اعتقاد موجبه، وذلك غير اعتقاد

<<  <  ج: ص:  >  >>