فإن عنى المصنف بقوله:(في المتنافيين والفعل واحد)؛ ليتنافيا ثبوتا وانتفاء، فلا يكون تمثيله بدلالة إحداهما على انه قبيح، ودلالة الأخرى على أنه مباح مطابقا؛ لعدم حصول التنافي ثبوتا وانتفاء من كل وجه، فيمكن أن يعمل بهما في اعتقاد عدم الوجوب.
ويتوقف في الحظر والإباحة إلى ظهور المعارض، وكذلك في أمارتي الوجوب والإباحة، وأمارتي الوجوب والحظر.
فالحظر والإباحة ترادفت أمارتهما على جواز الفعل، فترجحت أمارة الإباحة إذا اجتمعت مع الوجوب والحظر؛ لاعتضادها بالطرفين.
فإن قيل: أمارة الوجوب والحظر تنفيان الإباحة فترادفتا على نفيها، وحينئذ يحصل التعادل من هذا الوجه.
قلنا: لم تجتمع أمارتا الحظر والوجوب على محل واحد بالنسبة إلى نفي الإباحة، بل دلالة كل واحد منهما بواسطة دلالتها على شيء غير مدلول الدلالة الأخرى، فكانت دلالة أمارة الإباحة أقوى فينتفي التعادل.
(سؤال)
قال النقشواني: في كلامه تناقض؛ لأنه حكم بالجواز، واحتج بأن تعيينها يلزم منه الترجيح من غير مرجح، والترجيح من غير مرجح يلزم منه الامتناع، وهو يناقض الامتناع.
هذا في القسم الأول، وفي القسم الثاني فرض التعادل، وحكم بالتخيير، فالحكم بالتخيير إن كان ترجيحا من غير مرجح فقد وقع الترجيح من غير مرجح، فتناقض قوله في القسم الأول، وإن لم يكن ترجيحا من غير مرجح، فلا يتم الاستدلال في القسم الأول.