للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الحدود علل الزجر بالسمع، ومقاديرها يغلب حصولها بالعقل؛ فإن مراتب الأعداد لا تحس، بل تعقل.

قوله: (الظن يقبل التفاوت في القوة والضعف".

قلنا: هذا مقام مشكل؛ فإن القواعد تقتضي أن العرض لا يقوم بالعرض، وقوة الشيء وضعفه صفة له، ونحن نجد الظن [يتزايد] حتى يقارب العلم، وكذلك الرجاء، والخوف، واللذة، والجوع، والعطش، والشجاعة، والبخل كلها تقبل الزيادة والنقص.

فهل ذلك بسبب أن هذه المعاني تقبل القوة، ويوصف بها دون غيرها؟ كما أن العلوم الحسية أجلى من العقلية لذاتها، أو قوة هذه الأمور ترجع إلى كثرة أفرادها في جوهر النفس، فيزيد الظن عبارة عن قيام فرد آخر بجوهر آخر.

وكذلك بقية المعاني حتى يصل إلى حد يجب الانتقال منه إلى العلم، فيقوم فرد من أفراد العلم بجوهر واحد.

وتقدم تلك الأفراد من الظنون حينئذ، وهذا في خبر التواتر وغيره، وهذا هو الذي أجده قريبًا للعقل والقواعد، ولكنه لا يتم على القول بأن النفس ذات [جوهر]، وهو قول الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، وغيره يخالفه في ذلك، فيعسر عليهم الجواب.

قوله: (الأقل مقدمات أرجح":

قلنا: اشترط المحققون أن الأقل إنما يرجح على الأكثر إذا كان بعض الأكثر حتى يكون ثم مقدمات مشتركة، ويختص أحد الجانبين بمزيد أما القليل الأجنبي، فقد يكون الكثير أرجح منه.

فإن من وجد ألف دينار في جدارٍ يكتفي بمقدمة واحدة، وهي أخذ تلك الألف بيده من الجدار.

<<  <  ج: ص:  >  >>