قوله:(اتفق الجمهور على أن ما ظهرت عليته بالإيماء راجح على ما ظهرت عليته بالوجوه العقلية):
تقريره: أن مراده هاهنا بالوجوه العقلية ما أدرك العقل على سبيل النظر من المناسبة وغيرها، لا ما هو قطعي، والقطعي هو المتبادر للفهم من الأدلة العقلية ولم يرده، وأما وجه التقديم أن الإيماء دلالة منسوبة إلى السمع، والمناسبة العقلية ونحوها هي اجتهاد من العقل في قواعد الشرع الكلية، ورعاية الصالح وغيرها من السمعيات مقدمة في الأحكام الشرعية على اجتهادات العقول، ولذلك يقدم الخبر الواحد على القياس على قول ربما هو قول الجمهور أيضًا، فهذا هو مدرك الترجيح.
وقوله:(فيه نظر؛ لأن الإيماء إنما يدل بواسطة المناسبة وغيرها، والأصل مقدم على الفرع):
يرد عليه أن الدال هو المجموع، وما دل عليه مجموع أمرين أولى من الذي يدل عليه أحدهما فقط، مع أنا نمنع توقف الإيماء على المناسبة؛ فإنه قد قال: إن ترتيب الحكم على الوصف لا يتوقف على مناسبة الوصف. قاله في القياس.
وإذا اكتفى بمجرد الترتيب كان الإيماء وحده كافيًا.
قوله:(إذا كانت العلة أخص من المعلول، كانت العلية منفكة عن الدوران):
قلنا: كون العلة أخص معناه أن الحكم قد يوجد بدونها، ولو في صورة، ويكون معللاً بعلتين فصاعدًا، والعلل الشرعية يخلف بعضها بعضًا.
وهذا لا يمنع من وجود الدوران مع تلك العلة الأخص؛ فإن الدوران يكفي فيه صورة واحدة يقترن فيها الوجود بالوجود، والعدم بالعدم، فيتحقق