للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: كثرة وجود الفروع ليس بأمر شرعي؛ لكن الفروع، لما كثرت، لزم من جعل هذا الوصف علة - كثرة الأحكام؛ فكان أولى.

احتج الآخرون بوجوه:

الأول: لو كان أعم العلتين أولى من أخصهما، لكان العمل بأعم الخطابين أولى من أخصهما.

الثاني: التعدية فرع صحة العلة في الأصل، فلو توقفت صحتها على التعدية، لزم الدور.

الثالث: كثرة الفروع ترجع إلى كثرة ما خلق الله تعالى من ذلك النوع، وليس ذلك بأمر شرعي؛ بخلاف كثرة الأصول.

والجواب عن الأول: إنما لم يكن العمل بأعم الخطابين أولى؛ لأن فيه طرحًا لأخصهما، وليس كذلك العمل بأخصهما.

أما العلة: فإذا انتهي الأمر إلى الترجيح، وترجيح إحداهما يوجب طرح الأخرى؛ فكان طرح ما تقل فائدته أولى، وعن الثاني والثالث: ما تقدم.

وثالثتهما: العلة إذا كانت مثبتة للحكم في كل الفروع، فهي راجحة على ما تثبت الحكم في بعض الفروع.

وسبب الرجحان أن الدال على الحكم في كل الفروع يجري مجري الأدلة الكثيرة؛ لأن العلة تدل على كل واحد منها.

وأيضًا: دلالته على ثبوت الحكم في كل واحد من تلك الفروع يقتضي ثبوته في البواقي؛ ضرورة أن لا قائل بالفرق، فهذه العلة العامة قائمة مقام الأدلة

<<  <  ج: ص:  >  >>