وقد يعجزه ذلك في البعض بالنص، فيحصله بالاجتهاد، وجبريل - عليه السلام - لم يكلف بشيء من أمور الخلق بل بالتبليغ فقط، وهو نقل صرف، لا مدخل للاجتهاد فيه.
قوله:(إذا أفتى - عليه السلام - بالحكم صار مقطوعًا به؛ كما في الإجماع):
تقريره: أن الحكم يكون مدرك النبي - عليه السلام - ومدرك الإجماع فيه ظنيًا، فإذا أفتى به حصل القطع من جهة الدليل الدال على العصمة، وإن ذلك حق قطعًا، فيحصل في ذلك الحكم القطع من جهة الدليل الدال على العصمة، لا من جهة الدليل الظني، ولا مانع أن يحصل ما دل عليه الظن دليل يفيد القطع، كما يقول الفقهاء: هذه المسألة يدل عليها الكتاب والسنة والإجماع، والقياس، فيجمعون بين أخبار الآحاد، والقياس، والإجماع، والأولان ظنيان، والإجماع قطعي.
قوله:(لو جاز عليه - عليه السلام - الخطأ، لكنا مأمورين باتباعه فيه):
قلنا: قوله عليه السلام: (فمن قضيت له بشيءٍ من حق أخيه، فلا يأخذه، وإنما أقطع له قطعة من النار) يقتضي أنه قد يقضي لزيد بما لا يستحق مع أن مخالفته في جميع أقضيته - عليه السلام - مستوف أوامر، ونحن مأمورون بالتسلم له - عليه السلام - في جميع أحكامه.
قوله:(احتجوا بقوله تعالى:} عفا الله عنك لم أذنت لهم {):
قلنا: قال القاضي عياض في (الشفاء): (إن معنى هذه الآية: أن الله - تعالى - كان خيره بين الإذن لهم وعدمه، فاختار الإذن لهم، فأعلمه الله - تعالى - أن المصلحة كانت تقتضي عدم الإذن، حتى يتبين له