اكتفت بالقرآن عن سائر المعجزات، فلذلك لم يشتهر غيره، وأن الإفراد وغيره وقع في الإقامة، فلذلك نقل الجميع ووقع الخلاف لاختلاف النقل.
وقوله:((لو كانت اللغة توقيفية لزم الدور)).
مراده لزم الدور في ذلك الرسول الذي يأتي للخلق بتعليم اللغات وحده، دون غيره من الرسل، لأن الآية اقتضت كما قال تقدم اللغة على البعثة، فتكون اللغة متقدمة على بعثة الرسول، وبعثته منتقدمة على اللغة، لأنه معلمها، فيلزم الدور، وأما غيره من الرسل فلم يقصده، وإنما استفيد من عموم الآية كل رسول حتى يندرج ذلك الرسول في الحكم، ثم الآية ليس فيها ما يقتضي التقدم، فإن الباء لم يقل أحد: إنها للتقدم، بل الذي يصح منها هاهنا: إما السببية نحو سعدت بطاعة الله تعالى، أو المصاحبة نحو: خرج زيد بثيابه، أي: مصاحبا لها، وعلى التقديرين لا يلزم الدور.
أما السببية: فيكون الرسول جاء بسبب تعليمهم اللغة، فتكون اللغة متأخرة عن البعثة على التقديرين فلا دور.
أما على تقدير المصاحبة: فتكون اللغة مقارنة للبعثة مع أن التقدير الآخر يقتضي تقدم البعثة فيلزم محال آخر، وهو مقارنة المتقدم لا الدور، وإنما حسن استدلاله في هذه الآية أن المفهوم من السياق تقدم اللغة على البعثة، وبدليل قوله بعد ذلك:((ليبين لهم)) أي: أرسلناه إليهم بلغتهم ليقع منه البيان لهم بغير كلفة.