وسادسها: أن العامي، إذا قلد، لم يأمن من جهل المفتي وفسقه؛ فيكون فاعلاً للمفسدة.
وسابعها: لو جاز التقليد في فروع الشرع؛ لكان ذلك لأنه حصلت أمارات توجب ظن صدق المفتي، وهذا المعني قائم في أصول الدين؛ فوجب الاكتفاء بالفتوى في الأصول أيضًا.
والجواب عن الأول: أنه منقوض بكل ظن وجب العمل به؛ كما في أحوال الدنيا، وقيم المتلفات، وأروش الجنايات، وبخبر الواحد والقياس، إن سلموا جواز العمل بهما.
وعن السادس والسابع: أن تذكر الفرق الذي تقدم.
وأما الدليل على أن للعامي أن يقلد في مسائل الاجتهاد، وغير مسائل الاجتهاد: أنا لو كلفناه أن يفصل بين البابين، لكنا قد ألزمناه أن يكون من أهل الاجتهاد؛ لأنه إنما يفصل بينهما أهل الاجتهاد؛ فيعود المحذور المذكور.
واحتج المخالف: بأن ما ليس من مسائل الاجتهاد، فالحق فيها واحد، فلو قلدنا فيها، لم نأمن أن نقلد في خلاف الحق، وليس كذلك مسائل الاجتهاد؛ لأن كل قوم فيها حق.
والجواب: أنا لا نأمن أيضًا في مسائل الاجتهاد ألا يجتهد المفتي، أو يقصر في اجتهاده، أو يفتيه؛ بخلاف اجتهاده.
فإن قلتم:(إن مصلحة العامي هي أن يعمل بما يفتيه المفتي):
قلنا: وكذلك الأمر في تقليده فيما نحن فيه، وإن كان غير مصيبٍ.
مسألة: في شرائط الاستفتاء.
اتفقوا على أنه لا يجوز له الاستفتاء إلا إذا غلب على ظنه أن من يفتيه من أهل