وإذا ثبت ذلك، وجب ألا يكون حقيقة فيما ذكرتموه؛ دفعًا للاشتراك.
سلمنا أن ما ذكرتموه يدل على أن الضرر ألم القلب؛ لكنه معارض بوجهين:
الأول: أن من خرب دار إنسان، وكان المالك غافلاً عنه، يقال:(أضر به) مع أنه لم يوجد هناك ألم القلب؛ لأن ألم القلب لا يحصل إلا بعد الشعور به.
الثاني: قوله تعالى: {قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئًا ولا يضركم}[الأنبياء: ٦٦] أخبر أن عبادة الأصنام لا تضرهم، مع أنها تؤلم قلوبهم يوم القيامة؛ لأنهم يعاقبون بذلك.
فثبت أن الضرر ليس ألم القلب.
والجواب: أن القلب إذا ناله غم وحن، انعصر دم القلب في الباطن، وانعصار دم القلب في الباطن؛ إنما يكون لانعصار القلب في نفسه، وانعصار العضو مؤلم له؛ لأن أي عضو عصرته، فإنه يحصل منه ألم، فالمراد من ألم القلب تلك الحالة الحاصلة له عند ذلك الانعصار، فظهر بهذا أن ألم القلب مغاير للغم، وإن كان مقارنًا له، وغير منفك عنه.
وأما من خرق ثوب إنسان، فإنما يقال:(أضر به على معنى أنه أوجد ما لو عرفه، لحصل الضرر؛ لا محالة؛ وهو في الحقيقة إطلاق اسم المسبب على السبب مجازًا.
قوله: (لم قلت: لا مشترك سواه):
قلنا: لأن المشترك الآخر كان معدومًا، والأصل بقاؤه على العدم.