ويحصل النفع المطلوب منها، واستعمالها على الوجه المفضي إلى المقصود، وقد يوجد ذلك فيها، وقد لا يوجد.
ولهذا ينتظم من الأب، والسيد، أن يقول لولده، أو عبده: اشتريت لك هذا المتاع، ولتنقل، وإما أن تتصرف فيه؛ لأن زمانه لم يحضر، كالفحم في الصيف.
ويقول الطبيب للمريض:(جعلت لك هذه العقاقير) فيزيل ملكها، ولا يلزم منه الإذن في إيقاع فعل الانتفاع، حتى يتبين له كيفية الانتفاع بتفصيل وجه التركيب، وتعين قدر الاستعمال، ووقته، فكذلك في الشرع؛ فإن درك وجوه المصالح الطيبة من آحاد العقاقير، وقصور نظر المكلف عن مبلغ نظر الشارع له أبلغ من قصور نظر الصغير، والمريض عن مبلغ نظر الولي.
قلت: قوله: (الضرر هو النقصان من الوجه المخالف):
ينبغي أن يقول: من الوجه الموافق بأن نقصان المخالف نفع.
ويحمل قوله: من الوجه المخالف أي: من وجه يكون مخالفًا لطبعه، أي النقص يخالف الطبيعة.
وقوله:(الاستدلال حاصل بوجودها، فتضيع فائدة الامتنان) -لا يتجه؛ لأن الاستدلال من أعظم الوجوه التي يمن به، وبتهيئة سببه.
وقوله:(مقابلة الفرد بالفرد تخصيص، وتقييد ينافيه الإطلاق) -لا يتم؛ لأن الإطلاق لا ينافى التقييد، وإلا لما اجتمع المطلق مع المقيد، وكان جزءه، ولا ينافى الإطلاق -أيضًا -مقابلة الفرد بالفرد؛ لأن الإطلاق يحتمله -كما تقدم -أن مقابلة الجمع بالجمع وقع في اللغة على وجوه، فهو يحتملها لا ينافيها.