قبيحًا أو مفسدًة يستحق به الذم، فأي فرق بين أن يجعل الله تعالى له على ذلك أمارة قبل أن يفعل، وبين أن يجعل الأمارة على ذلك نفس الفعل؟!.
وعلى الوجهين جميعًا: هو آمن من القبيح، ومتخلص من الذم، وليس يلزم ما قالوا؛ من أن الأمارة، إذا لم تتقدم على الفعل، كان مقدمًا على ما لا يأمن كونه قبيحًا؛ لأنه قبل أن يفعل، لما قيل له:(إنك لا تختار إلا الصواب) فهو آمن من الإقدام على القبيح.
وأما الوجه الثالث والرابع: فجوابه: أن الله تعالى، لما نص في تلك الصورة بأن المكلف لا يختار فيها إلا الصواب؛ فلم قلت: لا يجوز ورود الأمر بمتابعة إرادته؟.
وليس إذا لم يلزم مويس، لم يجز لغيره التزامه.
وأما الوجهان اللذان تمسكوا بهما في نفي الوقوع: فالجواب عنهما: أن قوله تعالى لمحمد - عليه الصلاة والسلام -: (إنك لا تحكم إلا بالصواب)، لعله ورد في زمانٍ متأخرٍ، وما ذكروه ورد في زمانٍ متقدمٍ؛ فلا يتناقضان.
وأما الوجوه العشرة التي تمسك بها مويس في الوقوع، فضعيفة؛ لاحتمال أن يقال: ورد الوحي بها قبل تلك الوقائع مشروطًا؛ مثل أن يقال: لو استثنى أحد شيئًا، فاستثنى له ذلك؛ وكذا القول في سائر الصور.
سلمنا أنه ما كان بالوحي؛ فلعله كان بالاجتهاد، وبهذا التقدير: لا يصح قول الخصم.
وأما قوله تعالى:} إلا ما حرم إسرائيل على نفسه {. [آل عمران: ٩٣]