قلنا:(إنه يفضي إلى الضرر) لأنه إن فعل خلافه، استحق العقاب، وإن لم يفعل؛ بقى في صورة تارك المراد؛ فثبت كونه ضررًا؛ فوجب ألا يكون مشروعًا؛ لقوله (- صلى الله عليه وسلم -): (لا ضرر، ولا ضرار).
وثامنتها: لو ثبت هذا الحكم، لثبت بدليل؛ وإلا كان ذلك تكليف ما لا يطاق؛ وإنه غير جائزٍ، لكنه لا دليل؛ لأن ذلك الدليل إما أن يكون هو الله تعالى، أو غيره:
والأول: باطل؛ وإلا لزم من قدم الله تعالى قدم الحكم؛ وإلا لزم النقيض؛ وهو خلاف الدليل، لكن قدم الحكم عبث، ولا جائز أن يكون غير الله تعالى؛ لأن ذلك الغير: إن كان قديمًا، عاد الكلام، وإن كان محدثًا، فقد كان معدومًا، والأصل بقاؤه على العدم.
وأيضًا: فلأن شرط كونه دليلاً أن توجد ذاته، وأن يوجد له وصف كونه دليلاً؛ فإذن: كونه دليلاً مشروط بحدوث هذين الأمرين، ويكفي في ألا يكون دليلاً عدم أحدهما، والمتوقف على أمرين مرجوح بالنسبة إلى ما يتوقف على أمرٍ واحد؛ فإذن: كونه دليلاً مرجوح في الظن؛ فوجب ألا يكون دليلاً، وأما إن كان الحكم وجوديا فللطرق الكلية فيه وجوه:
أحدها: أن المجتهد الفلاني قال به؛ فوجب أن يكون حقا؛ لقوله (- صلى الله عليه وسلم -): (ظن المؤمن لا يخطئ).
ترك العمل بهذا في ظن العوام؛ لأن ظنونهم لا تستند إلى وجهٍ صحيحٍ؛ فيبقي معمولاً به في حق ظن المجتهد.
فإن قلت:(فقول المجتهد المثبت معارض بقول المجتهد النافي!!):