مع أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعلم أن قتله كفر، فكيف يتمنى الكفر، فإذا تقرر هذا المعنى عند المعقل، فيقول: لهذا الكلام لازم، وهو الشهادة.
فيكون معنى الكلام: تمني الشهادة التي هي لازمة لهذا المركب؛ لما يتعذر حمله على المركب نفسه.
وثالثها: قوله تعالى حكاية عن هابيل وقابيل: {إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك، فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين}[المائدة: ٢٩].
قال العلماء: كيف يليق بهابيل أن يتمنى حصول الإثم بسبب القتل؟ والقتل من الكبائر، وتمني الكبيرة حرام، مع أن الله -تعالى- حكاه عنهما لنتجنب فعل قابيل، ونتأسى بهابيل، وهذه فائدة نقل قصص من قبلنا إلينا، فتعين حمل هذا المركب على لازمه، وهو إرادة السلامة من قتل أخيه، فإنه لا يسلم من ذلك إلا لأن يترك أخاه لا يقاتله، ومتى تركه قتله، فصار هذا المركب له لازما يؤول العقل إلى فهمه من هذا المركب.
فإن قلت: هذه مجازات عن المركبات، والمجاز من الدلالة باللفظ، لا من دلالة اللفظ، ودلالة الالتزام من دلالة اللفظ فليس هذه المثل بمطابقة.
قلت: وكذلك (رفع عن أمتي الخطأ) لما تعذر حمله على حقيقة المركب حملناه على لازمه، وهذا هو عين المجاز، فالسؤال مشترك.
والجواب المحقق عن ذلك في الكل، أنه قد اجتمع دلالة اللفظ، والدلالة باللفظ في هذه المثل كلها؛ لأن هذه التعذرات في حمل اللفظ على حقيقته أوجبت اعتقاد أن المتكلم ما أراد إلا لازم المركب، لا نفس المركب [وهذا هو الدلالة باللفظ؛ ولأن هذه لوازم في نفس الأمر تفهم عند المركب بسبب هذه التعذرات، وهذا هو دلالة اللفظ فهما معا مجتمعان ثم الملازمة قد تحصل] بين المفرد والمركب، وبعض اللوازم لجوهر المركب نحو: علم