بطريق الالتزام، يدل عليه أنك تقول: الأسود جسم، فلو كان مفهوم الأسود أنه جسم ذو سواد لنزل ذلك منزلة الجسم ذي السواد، يجب أن يكون جسما.
تقرير ذلك: أن العرب وضعت لفظ الأسود لشيء ما له السواد، والمراد بشيء ما للقدر المشترك بين الموجودات، إما أنه جسم أم لا، فإنما يعلم ذلك بدليل العقل، دل العقل على أن السواد لا يقوم إلا بجسم، كما أن لفظ السواد اسم للون المخصوص، أما ذلك اللون يجب أن يقوم بجسم، فإنما علم ذلك بالعقل، فلم يدخل شيء من ذلك في حقيقة المسمى، فلا يدل عليه اللفظ مطابقة، ولا تضمنا، بل التزاما؛ لأن الجسمية لازمة لهذا المعنى في الذهن والخارج.
وأما قوله:(لو كان مفهوم الأسود أنه جسم ذو سواد لكان مثل قولنا: الجسم ذو السواد يجب أن يكون جسما) هذا الاستدلال مبني على قاعدة ذكرها أبو على في (الإيضاح) وذكرها غيره.
فقال أبو على: واعلم أنه لا يجوز أن تقول: إن الذاهب جاريته صاحبها؛ لأنك لا تفيد بالخبر شيئا لم يستفد من المبتدأ، وحكم الجزء الذي هو الخبر أن يفيد ما لم يفده المبتدأ، هذا نص كلامه، فبقوله: جاريته علم أنه صاحبها، فلا يكون خبرا عنه.
وقال أبو على أيضا في (مسائله): قوله تعالى: {فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك}[النساء:١٧٦] من هذا الباب غير أن الصفة مضمرة في الخبر، وهي المحسنة له؛ لأن العرب كانت تورث الصغار دون