للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمنا أن فيه وضعاً، لكن له ثلاثة معان:

جعل اللفظ دليلا على المعنى، وهو وضع اللغات، وعليه استعمال اللفظ في المعنى، وهو وضع الحقائق العرفية والشرعية؛ فإن أهل العرف لم يجتمعوا في صعيد واحد حتى اتفقوا على جعل اللفظ لذلك المعنى، بل استعمل هذا وهذا، حتى كثر الاستعمال، واشتهر اللفظ في تلك الحقيقة، فهذا معنى آخر من الوضع.

والقسم الثالث: أصل الاستعمال، ولو مرة واحدة، فإذا سمع من الغرب التجوز مرة واحدة باعتبار المشابهة، كان مجاز التشبيه موضوعا، والوضع في هذا الباب مفسرا بأصل الاستعمال، وإذا كان لفظ الاستعمال مشتركا بين معان ثلاثة، فقول: في أصل الحد (هو اللفظ الموضوع) إن أراد المعاني الثلاث، فهذا لا يحسن في الحد؛ إما لأن اللفظ المشترك لا يجوز أن يقع في الحد، وإما لأن المشترك لا يجوز استعماله في جميع مفهوماته، وإن أراد الوضع الذي هو الجعل فقط، وهو الظاهر؛ لأنه وضع اللغات لا يندرج المعنى الآخر، وهو الوضع المفسر بأصل الاستعمال، فلا يحتاج إلى إخراجه.

الرابع: على قوله: (من حيث هو كذلك) احترازا عن المتواطئ؛ فإنه يتناول المختلفات.

قلنا لا نسلم أن اللفظ المتواطئ يتناول المختلفات، ولا يدل عليها البتة؛ فإن القاعدة أن الدال على الأعم غير دال على الأخص.

فلفظ الحيوان غير دال على الإنسان البتة فلا يتناوله؛ لأن التناول هو الدلالة.

الخامس: سلمنا أنه يتناول المختلفات، لكنه خرج بقوله: الموضوع لحقيقتين؛ لأن المتواطئ لم يوضع إلا للمشترك، وهو حقيقة واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>