وقوله:(إذا وجدت الطرق الدالة على أن اللفظ حقيقة في معناه في لفظ واحد بالنسبة إلى معنيين، دل على الاشتراك) لا يتم له ذلك في كل تلك الطرق، فيتم له مثل تعذر السلب يدل على الحقيقة، وإمكانه يدل على المجاز، كمن رأى حيوانا مفترسا، فقال: رأيت أسدا لا يمكن أن يقال: ما رأى أسدا، وإن عبر بذلك عن زيد الشجاع أمكن أن يقال: ما رأى أسدا، بهذا يتم له في المشترك؛ فإنه لا يمكن أن يقال في الحدقة: إنها ليست بعين إلا أن يراد العين بمعنى الذهب ونحو ذلك، أما بمعنى الحدقة فلا، ومن أدلة الحقيقة تجريدها عند الاستعمال عن القرينة، فإذا أرادوا استعمال اللفظ في حقيقته في الأسد لم يأتوا بقرينة، أو في الرجل الشجاع أتوا بقرينة، فيكون ذلك دليل المجاز، هذا لا يتم له في المشترك؛ لأنه لا يستعمل إلا مع القرينة كالمجاز، وقد يقصد الإلغاز فيهما، فلا يؤتى بالقرينة فيهما، فهما سواء في ذلك.
قوله:(سنبين أن الاستفهام لا يدل على الاشتراك).
معناه: أن الاستفهام كما يكون لطلب الفهم في المجملات يكون في النصوص أيضا التي لا إجمال فيها لمقاصد:
أحدها: حب السامع لذلك المعنى، كما تقول لزيد: بعث لك السلطان بألف دينار، فتقول: بألف دينار يكرر ذلك لشدة فرحه به.
وثانيها: شدة كراهية السامع لذلك المعنى، كقولك له: طلب السلطان منك ألف دينار، فيقول لك: ألف دينار ألف دينار، فيكرر ذلك رجاء أن يفسر بتفسير أقل من ذلك، مع أن لفظ الألف نص لا يحتمل المجاز، فضلا عن كونه مجملا.
وثالثها: استعباد السامع ذلك المعنى، كمن قال: حفظت البارحة