للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو معنى قولنا: لا يجوز إن أراد لا يكون لغة العرب حقيقة ولا مجازا ممنوع، وإن أراد حقيقة فقط لا يضر ذلك خصمه، فإنه يجوز مجازا.

وقوله: (وإن كان الثاني)، فهو خلاف الوضع، وهو المراد بعدم الجواز، فسر عدم الجواز بعدم الوضع، وهذا لا ينازعه فيه خصمه القائل بالمجاز، وزاد فاحتج الشافعي في الحمل، فقال: العمل بالدليل واجب ما أمكن، وليس من عادة العرب تفهيم المراد باللفظ المشترك من غير قرينة، فيصير انتفاء القرينة المخصصة قرينة معممة، ولأنه إذا ثبت جواز إرادة الجميع، فالآحاد لا يصلح بعضها معارضا للبعض، ولا يصلح معارضا للمجموع، فإن مقتضى كل فرد الحمل عليه، نظرا إلى الصلاحية، وإمكان الإرادة لا ينفي الحمل على الغير، كما في المتواطئ، وقد وفًّينا بمقتضى كل فرد بالحمل على الجميع، ويحتاج كلامه إلى بسط.

فقوله: (إذا ثبت جواز إرادة الجمع).

يعني: لأن التفريغ على الجواز.

وقوله: (وإمكان الإرادة لا ينفي الحمل على الغير).

يريد إمكان إرادة الإفراد بالحكم لا ينفي إرادة الجموع الذي هو غير الإفراد؛ لأن إرادة المتواطئ لا ينافى إرادة قيد زائد عليه، وأن يراد به أخص من مسماه، فكذلك المجموع أخص من كل فرد لحصول الفرد في جميع صور إرادة المجموع دون العكس، والحمل على الأخص توفية بالحمل على الأعم، ويرد عليه أن القرينة المخصصة عند العرب هي سبب الحمل في الألفاظ المجملة، كانت مشتركة أو غير مشتركة، وعدم السبب سبب لعدم المسبب، فالقرينة إذا عدمت كان سببها سبب عدم الفهم، ويكون دليلا ظاهرا على إرادة المتكلم بقاء لفظه مجملا وأن الإجمال مقصوده، كما أن القرينة المخصصة دليل إرادته البيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>