وكذلك من عرف جملة غالبة من أصلو الفقه سمونه أصوليّاً، ولا يمكن لأحد أن يقول: إن من جهل بابا واحدا من أصول الفقه وإن صغر، وإن قل أن أهل العرف يمتنعون من إطلاق الفظة الأصولى عليه، بل بعض الكتب المختصرة لم تستوعب فيها أبواب أصول الفقه، ومع ذلك يسمون العالم بها أصوليا كما يسمون العالم بمختصرات الفقه فقبها لكونه حصَّل جملة غالبة في الموضعين، بل المخالف في صيغة العموم والأمر كالقاضى ونحوه يلزم ألا يسمى أصوليّا عند خصومه، وكذلك كل أصولى خالف أصلا لا ختلال المجموع بالقياس إليه، وإذا استوى البابان لزم احد الأمرين ضرورة، والذي يظهر أن الإسقاط في اشتراط المجموع هو الصواب، وقد أسقطه كثير من المصنفين ووافقه أبو الحسين في شرح ((العمد)) وغيره.
الثانى: قوله: على سبيل الإجمال مع أنَّ القاعدة أن كل قيد في حد إنما يُحتَرَزُ به من ضده، وقد تقدم أن العلم الإجمالي معرفي الشئ من بعض وجوهه، والتفصيلي معرفة الشيء من جميع وجوهه، تقدم ذلك في أول الشرح مبسوطاً، فحينئذ الإجمال إنما يحترز به عن التفصيل، وقد قال: إنه احترز به عن حال الفقيه في علمه بوجود الأدلة في الصور المعينة، مع أن الفقيه فاته بعض الوجوه، وهو كون تلك الأدلة التى هي حظ الأصولى، فحينئذ كل واحد من الفقيه والأصولى إنما حصل له العلم بهذه الطرق على سبيل الإجمال، فاندرك الفقيه في حد الأصول فما قصد أن يكون مخرجا انعكس موجباً.
الثالث: أن وجود الأدلة في صور الأحكام كوجود الحقائق في البقاع والأزمان، ووجود الحقائق في البقاع والأزمان لا يكون وجوها فيها حتى بعد الجهل بها يخل بالعلم بتلك الحقيقة؛ لأن من جهل حقيقة الإنسان وعلم أن منه في الأرض الفلانية، أو الزمان الفلانى أفراداً لا يقال: إنه جاهل بحقيقة